متأكد تمامًا من أن معظم الشعب المصري لا يعلم من هو الدكتور علي مصطفي مشرفة، أو ربنا قد يكون معظم الشعب المصري قد سمع عنه من قبل، لكنه لا يدرك من هو هذا الرجل، وأدرك يقينًا بأننا ندرك من هو ((كريستيانو رونالدو)) لاعب الكرة ((الأمىّ)) ورأينا صوره، أكثر مما قد رأينا من صور للعالم علي مصطفى مشرفة، إنه آينشتاين العرب، إنه أحد أنجب تلاميذ العالم ألبرت آينشتاين، إنه وعلى حد تعبير ألبرت آينشتاين “من أعظم علماء الفيزياء فى العالم”، كثيرون هم من يعلمون عيد ميلاد أحد المشاهير والممثلين، لكن من منا يعلم عيد ميلاد مصطفى مشرفة؟؟ ، لا أبرئ نفسي من هذا، فأنا أيضًا لم أكن أعلم الكثير عن مصطفى مشرفة، لكن كنت أدرك أنه من البديهي لكل مصري وعربي معرفة من هو مصطفي مشرفة، لكننى ذهلت عند سؤال البعض عن مصطفى مشرفة، لم يجيب أحد ! ، حقيقةً ذهلت جل الذهول، فقد كان إداركي أن مصطفى مشرفة مشهور لدينا فى مصر على الأقل كان إدراكًا خاطئًا بالمرة، ومع تزامن الذكرى الـ144 لميلاد عالمنا الكبير قررت أن أقوم بكتابة مقالة لنسرد فيها سيرته العظيمة، لم أقصد بتلك المقدمة إهانة لأحد، لكن حزن على ما وصل عليه حالنا ليس أكثر.

تلك هى صورة عالمنا الدكتور علي مصطفى مشرفة، والآن سآخذكم فى جولة لنتعرف من خلالها على الدكتور مشرفة أكثر إن شاء الله.
اسمه الكامل: علي مصطفى عطية أحمد مشرفة، وُلد فى الثاني والعشرين من صفر عام ست عشرة وثلاثمائة وألف 1316 هـ ، الموافق الحادي عشر من يوليو عام ثمان وتسعين وثمانمائة وألف 1898 م.
وُلد علي مصطفى مشرفة فى حي المظلوم بمدينة دمياط، بمحافظة دمياط، عاش علي مصطفى مشرفه حياته الأولى فى رغد العيش لأن عائلتة كانت من أغنى عائلات دمياط؛ وذلك لتجارة والده مصطفى مشرفة فى القطن، والده الذي كان على صلة بالشيخ محمد عبده والشيخ الأفغاني وتأثر بهم كثيرًا، ألا أن حلت مشكلة القطن التى أحلت البلاء على الإقتصاد المصري، حل الفقر بعائلة مصطفى مشرفة، وتحول رغد العيش إلى فقر مدقع، وزاد البلاء عندما توفى والده مصطفى مشرفة عام 1910م، وقد كان مشرفة على أعتاب إمتحان الشهادة الإبتدائية، فلم يذهب للعمل، بل استكمل دراسته لخوض إمتحان الشهادة الإبتدائية التى حصد فيها المركز الأول على القطر المصري !
وقد كان للدكتور مشرفة أخت واحدة وهى نفيسة، وثلاثة إخوة وهم مصطفى والذي كان يعمل أستاذًا للغة الإنجليزية بجامعة القاهرة، والدكتور عطية وكان مديرًا مكتبة جامعة القاهرة، واللواء حسن مشرفة والذي كان مديرًا للمرور.
وبعد وفاة الوالد، ذهبت العائلة إلى حي عابدين بالقاهرة، بالقرب من والدة أمهم، وذهب علي مصطفى مشرفة إلي الإسكندرية حيث درس سنة واحدة بمدرسة العباسية، ثم قام بالتحويل إلى السعيدية بالقاهرة، ثم توفت والدة مشرفة عام 1914م، قبل إمتحان البكالوريا بقليل، لتعلن نتيجة البكالوريا ليكون مشرفة المركز الثاني على القطر المصري، وذلك لحزنه الشديد على والدته، الجدير بالذكر أن مشرفة لم يعش لحظات طفولة كأى فرد، فقد كانت أمه تمنعه من اللهو واللعب كأى طفل، فالدكتور مشرفة لم يتذكر أنه فى يومًا ما قام باللعب كما الأطفال!
لم يفتح مشرفة باب كلية الطب -التى كانت ومازالت تستهوى الجميع- بل إلتحق بمدرسة المعلمين العليا!، وكانت الدراسة فيها ثلاثة سنوات، قضاها مشرفة فى المركز الأول لتلك السنوات، وكان ترتيبه الثاني فى الدبلوم.
وقد كانت لمشرفة الأولوية إلى السفر لإنجلترا للإنتهال من العلم هناك، فلم يتردد مشرفة فى ذلك وذهب إلى إنجلترا عام 1917 فألتحق بجامعة نوتنجهام Nottinghamm ، وكان هدفه الحصول على بكارليوس فى الرياضيات من تلك الجامعة، حتى حصل عليها مع مرتبة الشرف من جامعة لندن آنذاك، وذلك فى عام 1920م، وعندما تفجرت ثورة 1919م فى مصر ضد الإنجليز، شعر مشرفة بحرج موقفه وهو فى بلاد الإنجليز، فأشار على أخيه مصطفي بأن يعود إلى مصر، فرد عليه مصطفى بأن المصريين يحتاجون مشرفة فى بلاد الإنجليز للإنتهال من علمهم والإستفادة منه فى مصر أكثر مما يحتاجون مشرفة الثائر، وقد كتب أساتذة مشرفة لوزارة المعارف المصرية آنذاك للسماح لمشرفة بأخذ درجة الدكتوراه فى فلسفة العلوم، وقد كانت تواجهه بعض المشاكل من المستعمر الإنجليزي حتى حل عليه الفرج وأخذ الدكتوراه فى فلسفة العلوم عام 1923م فى أقصر مدة تسمح بها قوانين الجامعة، وهكذا اصبح مشرفة عضو فى الجمعية الملكية البريطانية، ونشرت له العديد من المجلات الإنجليزية العديد من الأبحاث فى نظرية فى الكم، وأخذ مشرفة يحاضر العلماء فى الجمعية الملكية البريطانية وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره! وذلك تحت إشراف استاذه السير ريتشاردسون، أكبر علماء الطبيعة.
وفي 21 من نوفمبر عام 1923 عاد مشرفة إلى مصر، ليعمل مدرسًا بمدرسة المعلمين العليا، وهى وظيفة لا يستطيع الحصول عليها غير أكفء الأكفاء ! ، إلا أن رغبته فى الحصول على دكتوراه فى العلوم وليس فى فلسفة العلم، كانت رغبة ملحة منذ عودته إلى مصر، فنجح فى الحصول على ترخيص للسفر إلى إنجلترا وعرض تلك الأطروحة على أستاذه السير ريتشاردسون، وقد نجح فى الحصول على موافقة استثنائية للدخول لإمتحان تلك الدرجة من جامعة لندن، إلا أن حصل على دكتوراه فى العلوم عام 1924 فأصبح بذلك أول عالم مصري يحصل على تلك الدرجة، وواحد من احدى عشر 11 عالم هم فقط الذين حصلوا على تلك الدرجة !!
وأعلن الباب عن فتح وظيفة أستاذ لعلم الطبيعة فى كلية الطب، فتقدم لها مشرفة وكله ثقة فى الحصول عليها لما يحمله من مؤهلات، لكنه فوجئ بغير ذلك عند تعيين أحد الأجانب الذين لا يملك ما يملكه مشرفة ! فذهب مشرفة إلى هذا الناظر الإنجليزي الذى قال له صراحةً أن تلك الوظيفة وهذا الإعلان كان خصيصًا لهذا الرجل الأجنبي !
وعيّن مصطفى مشرفه بعد تقدمه للعمل فى الجامعة المصرية عام 1925 أستاذًا مساعدًا، فقبل مشرفة تلك الوظيفة على مضض، لأن سنه دون الثلاثين، وهو أحد شروط تعيين الأستاذية.
من أهم مؤلفات مصطفى مشرفة:
الميكانيكا العلمية والنظرية 1937
الهندسة الوصفية 1937
مطالعات علمية 1943
الهندسة المستوية والفراغية 1944
حساب المثلثات المستوية 1944
الذرة والقنابل الذرية 1945
العلم والحياة 1946
الهندسة وحساب المثلثات 1947
نحن والعلم 1945
النظرية النسبية الخاصة 1943
ونصل إلى وفاة عالمنا حيث أنه توجد أكثر من تفسير للوفاته، فقد قال البعض أن وفاته كانت عبر عملية لجهاز الموساد الصهيوني، وآخرون قالوا أن أحد أتباع الملك توفيق كان وراء مقتله، وقال آخرون أيضًا أنه توفى إثر أزمة قلبية، وقد توفى فى 15 يناير من عام 1950م، فرحم الله عالمنا.
0 comments:
إرسال تعليق